عين راصدة: هل تحد العقوبات الامريكية الأخيرة من انتهاكات حقوق الانسان في حرب تيغراي

فتحي عثمان

أعلنت وزارة الخارجية الامريكية في الثالث والعشرين من الشهر الجاري فرض قيود على أي مسئولين اثيوبيين أو ارتريين أو من مليشيات الأمهرة أو الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لهم علاقة بإطالة أمد الصراع في اقليم تيغراي أو منع وصول المساعدات الانسانية للمحتاجين في الاقليم.

توحي هذه العقوبات والتي تعتمد على قوانين الهجرة الامريكية بأنها “قانونية ورادعة”، ولكأن الولايات المتحدة بلد لا يعيش المتورطون في حرب تيغراي الجارية الآن بدون زيارته، وهو تصور خاطئ. فعقوبات مثل فرض قيود التأشيرات والتهديد بتجميد الأرصدة لا تعنى شيئا بالنسبة لمسئولين الأمن والجيش الارتريين الذي لا يزرون الولايات المتحدة إلا نادرا منذ النصف الثاني من التسعينات، وتبدو الولايات المتحدة وكندا من الجهات غير المفضلة للزيارة لهؤلاء المسئولين لذلك لن تعني هذه القيود شيئا يستدعي القلق عند الجانب الارتري.

الأمر قد يختلف بالنسبة للمسئولين الاثيوبيين الذين تربط بلادهم علاقة جيدة- حتى الآن مع الولايات المتحدة- رغم ذلك اعتبرت اثيوبيا القيود الجديدة تدخلا غير محمود في الشأن الداخلي لها، ورفضت التدخل في شئونها الداخلية. وحسب بيان الخارجية الاثيوبية فإن اثيوبيا هددت “بإعادة النظر” في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وأن قرار الولايات المتحدة لن يؤثر فقط على العلاقات الثنائية بين البلدين ولكن سيمضي أبعد من ذلك بحيث يؤثر على “مجالات” وربما تشير اثيوبيا بصورة مبطنة إلى تعاونها مع الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب وامكانية انسحابها من هذا التعاون. الرئيس الامريكي قال يوم الاربعاء بأن الانتهاكات في اقليم تيغراي يجب أن تتوقف ويجب العمل على المصالحة وانسحاب قوات الأمهرا والقوات الارترية من الاقليم ويجب كذلك العمل على وصول المساعدات الانسانية.

تمثل هذه المرحلة من التصريحات “الساخنة” نقطة تأزم في علاقات الولايات واثيوبيا والتي سيصلها المبعوث الخاص جيفري فيلتمان الاسبوع المقبل للتهدئة من توترها. ولكن هل ستؤدي العقوبات إلى وقف انتهاكات حقوق الانسان في الصراع الراهن؟

إن انتهاكات حقوق الانسان لن توقفها قيود تأشيرات على مسئولين لا يغادرون بلدانهم إلا نادرا، ولا تهديدات بتجميد أرصدة غير موجودة أصلا، بل الحل يكمن في العمل على إجراء تحقيقات قانونية شفافة ومستقلة مصحوبة بإرادة سياسية واضحة من أجل التعرف على الجناة من كل الأطراف وتقديمهم للعدالة، حيث تشير انتهاكات حقوق الانسان ضد اللاجئين الارتريين بشكل خاص إلى تورط مليشيات الأمهرة والقوات الارترية وكذلك قوات الوياني في التسبب في معاناة كبيرة لهؤلاء اللاجئين، هذا فضلا عن الانتهاكات الجنسية المتفشية والتي أكدها الرئيس الامريكي في بيانه يوم أمس.

انتهاكات حقوق الانسان في هذا الصراع لا يمكنها حلها عبر قوانين “الهجرة” الامريكية بل عن طريق القانون الدولي الانسان عبر تحقيقات شفافة ومستقلة ومشتركة تكشف عن الجرائم وتؤدي إلى تقديم الجناة من كل الأطراف إلى المحاسبة والقصاص

 

COMMENTS

WORDPRESS: 0