عين راصدة: العقبة الكأداء أمام المبعوث الامريكي

فتحي عثمان

أصدر المتحدث باسم الخارجية الامريكية في الرابع عشر من مايو الجاري بيانا حول زيارة المبعوث الخاص للقرن الافريقي جيفري فيلتمان لكل من مصر واثيوبيا وارتريا والسودان. وهي الزيارة الأولى للمبعوث للمنطقة التي استمرت من الرابع وحتى الثالث عشر من الشهر الجاري. وحسب تغريدة لوزير الاعلام الارتري اجتمع المبعوث الامريكي مع الرئيس اسياس افورقي لمدة اربع ساعات كاملة. احتوى تقرير المتحدث باسم الخارجية حول اجتماع اسمرا على سطر واحد فقط وهو: ” في اسمرا، أوضح المبعوث الخاص فيلتمان للرئيس اسياس افورقي ضرورة الانسحاب الفوري للقوات الارترية من اثيوبيا.” لا يتناسب هذا السطر مع الوقت الطويل الذي أخذه الاجتماع.

يبدو أن المبعوث الامريكي وفي هذا الاجتماع الاستثنائي وقع ضحية لأستاذية اسياس افورقي حيث يمكن الاستنتاج أن الاجتماع كان عبارة عن “مونولوج” طويل حول الوياني: تاريخهم، تآمرهم ضد ارتريا وأخيرا سقوطهم المزري. الارتريون يعرفون محاضرات رئيسهم المملة من خلال وسائل الاعلام، ويبدو أن المبعوث أخذ واحدة منها. وقبل لقاءه بالمبعوث الامريكي كان الرئيس الارتري في الخرطوم حيث التقى بوزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، والناظر لصورة الاجتماع يمكنه وبدون عناء قراءة “لغة جسد” الرئيس الزائر وهو يبدو في أحدى تجلياته “الاستاذية” وهو يمد رجليه و”يحاضر” الوزيرة الجالسة امامه في تأدب ظاهر. إن ازدراء الحاضرين والاستخفاف بالمراسيم الدبلوماسية هما سمتان شخصيتان بارزتان للرئيس افورقي.

وكما أشرنا في مقال سابق فإن الهم الامريكي ينحصر في تأمين انسحاب فوري ومراقب للقوات الارترية من تيغراي، ولكن هل الانسحاب في الوقت الراهن أحد خيارات دكتاتور اسمرا، وبأي ثمن؟

انسحاب القوات الارترية من تيغراي يعنى فشل جهود حليفه ابي أحمد في “تأمين” اقليم تيغراي ويعنى كذلك استعادة قوات تيغراي المتشرذمة زمام المبادرة العسكرية وفي هذه الحالة لن تسلم ارتريا في المدى القريب أو البعيد من وابل نيران التشفي والثأر التيغراوي، وهو أمر لا يرغب فيه اسياس.

إن الأحوط كان بالنسبة له هو عدم الانخراط في هذه الحرب من الأساس، ولكن هذا القرار يحتاج إلى بصيرة وتسام، وهو ما لم يظهر في قرار المشاركة والاستمرار في الحرب حتى الآن.

ويبدو أن اسياس حشر نفسه في أحرج المواقف السياسية مطلقا فلا هو قادر على الاستمرار في الحرب مع تزايد الضغوط الدولية عليه، ولا هو قادر، من ناحية أخرى، على اتخاذ قرار الانسحاب خوفا من تبعاته المميتة وفي الحالتين هو في وضع “كش ملك”.

سيقف المسار الدبلوماسي للمبعوث الامريكي أمام عقبة كأداء وهي تحقيق انسحاب القوات الارترية وهو الأمر الذي سوف يماطل فيه الدكتاتور اسياس حتى الرمق الأخير مما يفتح الباب لإجراءات أكثر فاعلية لإجباره مرغما على الانسحاب والتعامل مع تبعاته وفقا لما يستجد.

COMMENTS

WORDPRESS: 0