فتحي عثمان
رحلت إدارة الجوازات السعودية اكثر من مئة ارتري إلى ميناء مصوع في الاسابيع الماضية (ارينا، 13 فبراير)، قد يبدو الخبر عاديا وغير لافت للانتباه حيث تقوم إدارة الجوازات السعودية وبالتعاون مع السفارات بإبعاد المخالفين إلى بلدانهم، ولكن ما وراء هذا الخبر تكمن مأساة الارتريين في المملكة العربية السعودية.
في عام 2011 قدر عدد الارتريين في المملكة بمئة الف، يعيش منهم 60 الفا في المنطقة الغربية و35 في نجد والبقية تعيش في المناطق الشرقية للمملكة. أغلب هذه الفئات هي عمالة منزلية، تعتبر من المنظور الاقتصادي الكلي عاملة هامشية يمكن الاستغناء عنها ضمن الخطط التنموية الكبرى. في عهد العاهل الراحل فيصل بن العزيز (1964-1975) تدفق الارتريون إلى المملكة هربا من العسف الاستعماري الاثيوبي وتمتعوا حينها بامتيازات مع الجالية اليمنية تتمثل في عدم الابعاد عند المخالفة، تسهيل تصحيح الأوضاع والسماح لهم بالحاق ابناءهم بالمدارس الحكومية والجامعات.
مع القوانين الجديدة الخاصة بالإقامة والعمل في المملكة غادر حوالي 900 الف اجنبي المملكة في عام 2013 اغلبهم من الآسيويين، وفي هذه الفترة اتضح للارتريين حجم مشكلتهم. فبلادهم ومنذ استقلالها يحكمها حاكم جبار يفرض تجنيدا اجباريا غير محدد المدى الزمني على المواطنين من عمر 18 حتى 52 هذا إضافة إلى عدم توفر فرص عمل دفع المغادرين إلى المملكة إلى النأي عن الذهاب إلى ارتريا والبحث عن جهة أخرى، وغالبا ما تكون الجهة الجديدة هي السودان أو مصر.
حتى في المملكة لا يسلم الارتريون من أذى حكومتهم التي تفرض ضريبة على رواتبهم قدرها 2 في المئة وتفرض حتى على الذين لا دخل ثابت لهم. ويضاف إلى ذلك الحملات المتكررة تحت مختلف المبررات لإجبار المواطنين على انعاش خزينة الدولة. آخر هذه الحملات هي الحملة التي روجت لها السفارة في الرياض والقنصلية في جدة بغرض مكافحة انتشار وباء كورونا العام الماضي. المبررات التي ترافقت مع الحملة هي احياء روح التضامن في أوساط الارتريين ومكافحة المرض والوقوف من الشعب في الداخل: ولكن الجوهر الحقيقي هو الابتزاز الواضح، فمن لا يدفع لا يحصل على الخدمة القنصلية من تجديد جوازات سفر أو استخراج شهادات ميلاد أو غيره، مع إن ذلك حق خالص للمواطن اسست من أجله الخدمات القنصلية في الخارج.
وضاعف من ازمة الارتريين عدم قدرتهم المالية وغيرها على تصحيح أوضاعهم، وبذلك أصبح وضعهم مشابه لوضع السوريين الذين لا يستطيعون السفر إلى بلادهم، ولكن مصيبة الاتريين مضاعفة بأنهم لا يستطيعون لا السفر إلى بلادهم ولا حتى تصحيح اوضاعهم القانونية
الصورة القنصلية الارترية العامة في جدة من ارشيف الانترنت
COMMENTS