العمود الاسبوعي: عين راصدة … حصاد الضغائن

تثير مشاركة قوات الدفاع الارترية  في الحرب الأخيرة في اثيوبيا من عدمها جدلا واسعا خاصة بعد تصريحات حاسمة لمسئولين كبار كان أخرهم قائد القيادة الشمالية اللواء بلاي سيوم. في أول تصريح رسمي له قال رئيس الوزراء الاثيوبي ابي أحمد أمام برلمان بلاده بأن ارتريا قدمت الطعام والملبس للجنود الاثيوبيين الذين فروا بعد الهجوم على القيادة الشمالية بواسطة قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. ولم يكتف بالتصريح بل شكر ارتريا على جهودها الخيرة.

بعدها صرح العمدة الموقت لمدينة مقلي اتخالتي هيلي سيلاسي في اجتماع عام لمواطنيه بأن القوات الارترية شاركت في الحرب ولكنه أضاف متسائلا  متى ستغادر هذه القوات بلادنا.

التصريح الثالث والذي كان له وقع الصاعقة هو تصريح اللواء بلاي سيوم والذي وصف فيه القوات الارترية بالقوات الاجنبية “يا بيد سراويت “، وأكد اللواء بأن مشاركة القوات الارترية جاءت مباشرة بعد انهيار القيادة الشمالية وأنها لم تأتي بناء على طلب من الجيش الاثيوبي لأنه شخصيا سوف لن يكون مرتاح الضمير في حال طلبه المساعدة من الجيش الارتري في أمر وصفه بأنه شأن داخلي لبلاده.

 وتم مباشرة استدعاء اللواء سيوم إلى مقر وزارة الدفاع بعد هذه التصريحات التي تخالف ما قاله رئيس الوزراء أبي احمد.

وبعد تصريحات العمدة واللواء قام مؤيدو حكومة اسمرا بتبرير المشاركة بعد أن استماتوا في البداية في انكارها، حيث أكدوا هذه المرة بأن المشاركة الجسورة لقوات الدفاع الارترية تأتي ضمن السياسات الرشيدة للحكومة الارترية في الدفاع عن السيادة الوطنية.

أن ما يهم ليس هو المشاركة من عدمها، حيث تم تأكيدها بواسطة أطراف ثالثة مثل حكومة الولايات المتحدة ووسائل اعلام عالمية ولكن المهم هو ما يترتب عليها. أولا: تمت معاملة الجنود الارتريين الذين أسروا في المعارك “كمرتزقة” وتم اعدامهم مباشرة من قبل مليشيات وقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، الأمر الذي دفع القوات الارترية، وفي رد فعل أعمي على ارتكاب فظائع بالمقابل ضد جنود ومدنيين عزل.

الحرب الأخيرة والتي دخلها الجيش الارتري هي حرب “ثأر” إذ أن دكتاتور ارتريا له احقاد شخصية ضد قادة الوياني ومثلت الحرب بالنسبة له الفرصة الذهبية لتصفيه حسابه معهم تحت ذريعة حماية الوطن. ويعلمنا التاريخ بأن السلام في اثيوبيا ما هو إلا فترة حرث للأرض لزراعة الحرب المقبلة والتي ترتدي حين قيامها ثوب العرقية والقومية وتتحول إلى ثأر دام ومستديم لا يبرد. مثل ما كانت الحرب الأخيرة والحرب التي سبقتها في سنوات 1998-2000 والتي استخدمها نفس قادة الوياني المطاردين اليوم للثأر من خصمهم وعدوهم اللدود اسياس افورقي ودفع ثمن فظائعها الشعب الارتري.

وحروب الثأر مصيرها دوما التجدد مهما اختلفت الأزمنة والمبررات

فتحي عثمان

COMMENTS

WORDPRESS: 0